قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾ [الطارق: 9]؛
قال ابن القيّــم :أي تختبر...,
وَالسَّرَائِرُ جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينهُ وبين عبده فيظاهره وباطنه لله،فالإيمان مِنَ السَّرَائِرِ، وشرائعه مِنَ السَّرَائِرِ، فتُختبر ذلك اليوم، حتى يظهر خيرُها من شرها، ئء من مضيعها...والمعنى تختبر السَّرَائِرُ بإظهارها،
وإظهارمقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم
وإذا خلوت بريبة في ظلمة --- والنفس داعية إلى الطغيان
فاستح من نظر الإله وقل لها -- إن الذي خلق الظلام يراني
قَالَ العَلَّامَةُ ابنُ عُثَيمِينَ رحمه الله:
«إِصلَاحُ السَّرِيرَةِ يَكُونُ بِصِدقِ الإِخلَاصِ مَعَ اللهِ عز وجل،
بِحَيثُ لَا يَهتَمُّ بِالخَلقِ، مَدَحُوهُ أَو ذَمُّوهُ، نَفَعُوهُ أَو ضَرُّوهُ،
يَكُونُ قُلبُهُ مَعَ اللهِ تَعَبُّدًا، وَتَأَلُّهًا، وَمَحَبَّةً وَتَعظِيمًا، وَقَلبُهُ مَعَ اللهِ تَقدِيرًا وَتَدبِيرًا، يَعلَمُ أَن مَا أَصَابَهُ لَم يَكُن لِيُخطِئَهُ، وَمَاأَخطَأَهُ لَم يَكُن لِيُصِيبَهُ،
يَرضَى بِمَا قَدَّرَ اللهُ لَهُ،
إِذَا وَقَعَ الأَمرُ يَقُولُ:
عَسَى أَن يَكُونُ خَيرًا، يَستَشعِرُ دَائِمًا قَولَ اللهِ عز وجل: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [البقرة: 216]؛
وَمَا أَشبَهَ ذَلِكَ مِن تَعَلُّقِ القَلبِ بِاللهِ، أَهَمُّ شَيءٍ أَن يَكُونَ قَلبُكَ مَعَ اللهِ دَائِمًا، وَإِذَا كَانَ مَعَ اللهِ دَائِمًا صَلُحَت سَرِيرَتُكَ؛ لِأَنَّكَ لَا يَهُمُّكَ الخَلقُ،
الخَلقُ عِندَكَ مِثلُ نَفسِكَ، بَل أَقَلُّ، مَا دُمتَ مُتَعَلِّقًا بِرَبِّكَ سبحانه وتعالى،
مُعتَصِمًا بِهِ،مُهتَدِيًا بِهُدَاهُ، مُعتَصِمًا بِحَبلِهِ، فَلَايَهُمَّنَّكَ أَحَدٌ»
وَاجعَل نُصبَ عَينَيكَ الحَدِيثَ التَّالِيَ:
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبَيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:
«لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ، بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ عز وجل هَبَاءً مَنْثُورًا».
قَالَ ثَوْبَانُ:
يَا رَسُولَ اللهِ! صِفْهُم لَنَا، جَلِّهِم لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُم وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ،
قَالَ:
«أَمَا إِنَّهُم إِخْوَانُكُم وَمِنْ جِلْدَتِكُم، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُم أَقْوَامٌ، إِذَا خَلَوا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا»
الراوي: ثوبان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3442
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فَهَؤُلَاءِ قَامُوا بِأَعمَالٍ ظَاهِرَةٍ، وَاعتنوا بالمظاهر وجعلوها زاهيةً، وَأَهمَلُوا سَرَائِرَهُم، وبواطنهم، وجعلوها خاويةً، فَلَم يُرَاقِبُوا اللهَ فِي خَلَوَاتِهِم.
قَالَ الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 51].
فانظري أخــيه: ماذا يعلم الله من قلبك؟
دَاوِ قلبك وأصلحهُ وأخلص وصحح النية وأخلص الطويةَ
فإنَّ مرادَ الله من العباد
صلاح قلوبهم.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ"
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1624
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وَقَوْلُهُ: «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ»
إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَاطِنَ الأَمْرِ يَكُونُبِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّ خَاتِمَةَ السُّوءِ تَكُونُ بِسَبَبِ دَسِيسَةٍ بَاطِنَةٍ لِلْعَبْدِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ، فَتِلْكَ الخَصْلَةُ الخَفِيَّةُ تُوجِبُ سُوءَ الخَاتِمَةِ عِنْدَ المَوْت
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غِشٌّ وَآفَةٌ، لَمْ يَقْلِبِ اللّهُ إِيمَانَهُ.
جامع العلوم والحكم (1/172-173).
@@@@@
وعن عثمان رضي الله عنه قال: (ما أسرَّ أحدٌ سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه ) .
عن نعيم بن حماد قال : " سمعت ابن المبارك يقول: ما رأيت أحداً ارتفع مثل مالك: ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة " .
@@@@
أَفَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ يَخلُونَ
بِمَحَارِمِ اللهِ وَيَدخُلُونَ عَلَى المَوَاقِعِ الإِبَاحِيَّةِ،
وَيُشَاهِدُونَ الأَفلَامَ الخَلِيعَةَ،
أَن يَتُوبُوا إِلَى اللهِ:
مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ تُبلَى فِيهِ السَّرَائِرُ،
وَيُحَصَّلَ فِيهِ مَا فِي الصُّدُورِ.
يَومَ يَدُومُ فِيهِ النَّدَمُ،
لِمَن زَلَّت بِهِ القَدَمُ.
فاللهَ اللهَ في إِصْلاحِ السَّرَائِرِ؛
فَإِنَّهُ ما يَنْفَعُ مَعَ فَسَادِهَا
صَلاحٌ ظَاهِرٌ
@@@@
منقول للفائدة ..,